جاري تحميل ... الـــــــــحــرب الباراسيكولوچية

المشاركات الشائعة

إعلان في أعلي التدوينة

الطاقة الحيوية

«علم نفس الخوارق» من منظور شرعي


 يقول ابن القيم «لا يمكن لعاقل إنكار تأثير الأرواح في الأجسام فإنه أمر مشاهد محسوس»

لنبدأ بتعريف مصطلح «ماوراء علم النفس» أوما يسمى بالانكليزية «الباراسيكولوجي» وهناك من أسماه «علم نفس الخوارق» وهوعلم قديم النشأة في ذكر الظواهر المتصلة به، ولكن طرأت عليه نظريات ومنهجيات جديدة، منها ما جاء غريبا وخارجا عن العقل ومنافيا للشرع، وقد اهتمت به بعض المؤسسات العلمية ومراكز البحوث والجامعات في أميركا والدول الأوربية بشكل كبير جدا، وتُعقد مؤتمرات عالمية وندوات علمية تنظمها جامعات عريقة وشهيرة تتناول قضايا هذا العلم، كما أن هناك جامعات تضم قسما يُدرس علوم الباراسيكولوجي، وتمنح شهادات علمية فيه، وكان أول من توسع في الحديث فيه هو عالم النفس الألماني ماكس دسوار في عام 1889، ودخل هذا العلم بمنهجياته الجديدة عالمنا الإسلامي فكثرت الدورات والمحاضرات التي تندرج تحت مسمى التطور الروحي والتنمية البشرية وغيرها من المسميات.
لنتوقف في البداية عن تعريق «علم ماوراء علم النفس» أو «علم الخوارق»، إنه علم يتحدث عن الظواهر الروحانية المتصلة بالانسان، ويدرس الظواهر الغريبة التي قد لايجد البعض منا لها تفسيرا من مثل: التخاطرعن بعد وهو التواصل مع الآخرين دون استخدام الحواس الخمس، والتنبؤ بالمستقبل، والجلاء البصري، والاستشفاف وهو قراءة أفكار الغير، والخروج من الجسد، والتحكم بالأشياء وتحريكها بمجرد النظر إليها وتعميق التفكير فيها، والطاقة الكونية، والمنازل المسكونة بالجن والتي يطلقون عليها البيوت المسكونة بالأشباح، واستحضار الأرواح كما نراه في كثير من الأفلام الأميركية التي تدعي استحضار روح الميت في جلسات الوسيط الروحي، وغيره من القضايا التي تمس بعضها الأمور الغيبية التي تشكل شبهة كبيرة في الدين الإسلامي، وتتعارض مع ماجاء في الكتاب والسنة، وقد أسماه بعض علماء الدين علم التجسس والغيبيات، ونفى البعض منهم أن يكون علما، وإنما هو ضرب من الخرافة والدجل والشعوذة، وفي المنظور الإسلامي فإن خير من كتب في هذا العلم هو كتاب العلامة ابن القيم الجوزية الشهير «الروح» ويكشف فيه أسرار كثيرة، ويجيب عن أسئلة محيرة تتعلق بالروح والنفس، بأدلة من القرآن والسنة.
ولنا أن نشير هنا إلى علم الفراسة الذي يعتبره ابن القيم «نورا يقذفه الله في القلب، فيخطر له الشيء فيكون كما خطر له، وينفذ إلى العين فترى ما لا يراه غيرها».ش
 ومن المناسب هنا التحدث في إحدى هذه الظواهر التي تشغل حيزا كبيرا في «الباراسيكولوجي» وهي التخاطر عن بعد، وفيها حديث مطول يحتاج إلى دراسـة، وأبـرز نمـاذج لها في الإسلام حادثة الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه في نـدائه للصحابي لسارية. ونورد هنا ملخصا لتلك الحادثة، أنه بينما كان الخليفة عمر بن الخطاب يخطب فوق المنبر بالمدينة، إذا به فجأة يقطع خطبته وينادي: ياسارية ! الجبل الجبل ! مكررًا ذلك ثلاث مرات، ما أثار دهشة الناس، وأجاب الفاروق حين سُئل عن ذلك: والله ما ملكت ذلك، رأيتهم يقاتلون عند جبل يؤتون من بين أيديهم ومن خلفهم، فلم أملك أن قلت: يا سارية الجبل، ليلحقوا بالجبل. وبعد مدة جاء رسول القائد المسلم سارية الذي كان يحارب الفرس بنهاوند وحدث أنهم في تلك الجمعة نفسها انهزموا أمام عدوهم، ثم سمعوا نداء عمر فأسندوا ظهورهم إلى الجبل، وكان ذلك سببا لانتصارهم على الفرس. وهذا يؤكد لنا أنها تجربة حقيقية وكبيرة من تجارب ما وراء علم النفس، فقد اخترق صوت الفاروق عمر بن الخطاب مئات الكيلومترات لينتقل من المدينة بالحجاز إلى نهاوند بفارس! وأين الإشكال هنا؟ إنه في تفسير تفاصيل ماحدث، وتعليل هذه التجربة المثيرة من نوعها، ومن المناسب هنا أن نعرض رأي شيخ الإسلام ابن تيمية الذي قال: وعمر رضي الله عنه لما نادى ياسارية الجبل ! قال: إن لله جنودا يبلغون صوتي، وجنود الله هم من الملائكة ومن صالحي الجن.
 فجنود الله بلغوا صوت عمر إلى سارية، وهو أنهم نادوه بمثل صوت عمر، وإلا نفس صوت عمر لا يصل نفسه في هذه المسافة البعيدة».والسؤال المهم هنا ما حكم «علم ماوراء النفس» المعاصر في الميزان الشرعي؟ يقول ابن القيم الجوزية في زاد المعاد: ولا ريب أن الله سبحانه خلق في الأجسام والأرواح قوى وطبائع مختلفة، وجعل في كثير منها خواص وكيفيات مؤثرة، ولا يمكن لعاقل إنكار تأثير الأرواح في الأجسام، فإنه أمر مشاهد محسوس... والأرواح مختلفة في طبائعها وقواها وكيفياتها وخواصها.
ولعل الجواب الذي توصل إليه كثير من العلماء هو امكانية فعل الخوارق بمعونة من الجن، وهذا يعني إمكانية التواصل معهم، وقد ورد ذلك في سورة الأنعام قال الله تبارك وتعالي: «وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ». وهنا جواب صريح من الله عز وجل فقد أراد الجن أن تكون لهم الغلبة على الإنس، فاستكثروا من أعوانهم، وأجروا على يدهم بعض الخوارق من أجل إضلال البشر وغوايتهم، فشعروا بالقوة والهيمنة والسيطرة، وهنا منافع مشتركة بين الإنس والجن، فالإنسي يدعي فعل بعض الخوارق، والجني يستعلى، ويحقق هدفه ببعض المطالب من الإنسي. بلاشك أننا نعرف أن طبيعة البشر تقوم على الحاجة للاستقواء أي اللجوء إلى القوي الذي يحميهم ويدعم وجودهم في الحياة، ولن يكون هذا إلا الله عزّ وجل الخالق القوي المتين رب السموات والأرض ورب العرش العظيم. وهكذا تكون معظم تلك الخوارق مستندة إلى التواصل بعالم الجن، ويكون الشخص وسيطا بين عالم الإنس وعالم الجن الذي تبيحه الطقوس الوثنية والبوذية وغيرها. إن كل إنسان تظهر عليه بعض الخوارق ما هي إلا خوارق الجن، التي قد تتسب في حدوث أمراض وكوارث نفسية في نهاية المطاف تغنيه عن اللجوء لهذا الباب الواسع الخطير الذي اراد منه تحصيل الخوارق، ومن المناسب هنا أن نعرض ماقاله الباحث كارل ويكلاند أستاذ التشريح بجامعة الينوي في الولايات المتحدة الأميركية الذي أكد أن ما يسميه البعض بجلسات تحضير الأرواح تسببت في إصابة هؤلاء الناس بالصداع الدائم والشلل والصرع.
 ولعله من الملاحظ في الآونة الأخيرة كثرة الدورات والمحاضرات في عالمنا الإسلامي التي تدور في دائرة القدرات الخارقة، التي تشوبها شبهة التخبط في الدين، والدخول في متاهات الجن الخطيرة، وفي كل الأحوال فإن نظرة الإسلام فيها واضحة. فلا ينبغي الاستعانة بهم تجنبا للدخول في مسائل محرمة، ونعرف تماما أن الله عزّ وجل قد فضل الإنس على الجن، وجعل منهم الرسل، وللشيخ ابن باز رحمه الله رأي في مسألة الإخبار عن الجن: ليس لهذا أصل ولا يعتمد عليه، فإن أخبار الجن وأخبار العجائز وأخبار من يخدم الجن لا يوثق بها ولا يعتمد عليها، ولا يجوز أن يعتمد على قول عجوز أو شيخ أو شاب أو غير ذلك ينقل عن الجن أشياء، بل يجب أن يحذر منهم، وألا يستخدمهم في شيء؛ لأنهم إذا استخدموه قد يجرونه إلى الشرك بالله، إذا كانوا غير مؤمنين، وليس المؤمن منهم معروفاً معرفة يقينية فقد يكون منافقاً، وقد يكون يدس السم في الدسم؛ لأنك لا تعرفهم ولا تخالطهم مخالطة جهرية، وتعرف أحوالهم وأحوال قرنائهم من الأخيار، حتى تعرف الثقة من غير الثقة، فالحاصل أن بيننا وبينهم جهلاً كبيراً، وأخلاقاً متباينة وصفات متباينة، لا نستطيع معها أن نتحقق ما هم عليه، ومن عرفنا منهم بما يظهره من الإيمان ندعو له بالتوفيق، وندعو له بالصلاح، ولكن لا نثق به ولا نطمئن إليه في أن نأخذ منه طباً أو غير ذلك، أو نستشيره في شيء أوما أشبه ذلك، فإن هذا قد يفضي إلى دعوى علم الغيب، قد يبتلى الإنسان بذلك فيظن أن عنده شيئاً من علم الغيب بواسطة الجن، وقد يدعو إلى ذلك، فيكون ممن قال الله فيهم جل وعلا: «وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا».
فهو مع الجن على خطر، قد يستخدمونه في الشرك، قد يستخدمونه في البدع، قد يستخدمونه في المعاصي، فيضر نفسه وهو لا يدري، ويضر غيره وهو لا يدري، فلا تجوز المعاملة لهم في الطب ولا في غيره. وهنا ينتهي قول الشيخ ابن باز يرحمه الله، والغريب في الأمر أن هناك من تبحّر في هذه العلوم بشكل كبير، فيدرس علوم البارسيكولوجي في جامعات في أوروبا وأميركا، مغترا ببهرجتها، والقدرات الخارقة التي سيحصل عليها، والمال الذي يأتيه منها بالدورات والمحاضرات التي قد تستقطب بعض القلوب المتعلقة بتحقيق الأمنيات والرغبات القلبية الدنيوية بأي وسيلة،وهذا الشخص بلاشك قد خاض دربا مخيفا محفوفا بالمخاطر لأنه من العلوم التي قد تجر إلى معصية الخالق تبارك وتعالى بما فيها من علوم الكهانة والشعوذة والسحر والدخول في الغيبيات التي لا يعلمها إلا الله عز وجل، وغيرها من الأمور التي تتعارض مع ما جاء في الكتاب والسنة، وكلها مسائل نحن في غنى عنها،وينبغي تجنبها.

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *